صفحة جديدة أم نهاية حقبة؟ أول دعوى دستورية ضد قانون الإيجار القديم تشغل الرأي العام
بقلم أ: حنان اليمني
يُعَدّ قانون الإيجار القديم واحداً من أكثر الملفات التي تثير الجدل في مصر، خاصة بعد تعديلاته الأخيرة التي أقرّها مجلس النواب في يوليو 2025، وصدّق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 4 أغسطس 2025، ودخلت حيّز التنفيذ في 5 أغسطس 2025. ويهدف القانون الجديد إلى تنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر وتحقيق توازن عادل بين الطرفين بعد سنوات طويلة من الجدل.
ورغم أن القانون المدني لا يزال يشكّل الإطار العام الحاكم للعلاقات التعاقدية وفق القاعدة الراسخة “العقد شريعة المتعاقدين”، فإن التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم أعادت الملف إلى الواجهة من جديد.
وفي 8 نوفمبر 2025، بدأت المحكمة الدستورية العليا لأول مرة نظر دعوى تطعن بعدم دستورية بعض مواد قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، لتصبح أول دعوى من نوعها ضد هذا القانون منذ صدوره.
ما أبرز تعديلات قانون الإيجار القديم 2025؟
1) تحديد مدة العقود
- انتهاء عقود الوحدات السكنية بعد 7 سنوات من سريان القانون.
- انتهاء عقود المحلات التجارية بعد 5 سنوات.
2) زيادة القيمة الإيجارية
- تطبيق زيادة تدريجية.
- زيادة سنوية بنسبة 15%.
- تحديد حد أدنى للإيجار يبلغ 250 جنيهًا شهرياً كوحدة قياسية على مستوى الجمهورية.
3) حالات الإخلاء
يحق للمالك طلب الإخلاء في الحالات الآتية:
- ترك الوحدة مغلقة لأكثر من سنة.
- امتلاك المستأجر لوحدة سكنية أخرى مناسبة.
4) توفير وحدات بديلة
منح المستأجرين أولوية في الحصول على وحدات بديلة من الدولة (إيجار أو تمليك) عند توفرها.
5) آليات الإخلاء والطرد
في حال رفض المستأجر الإخلاء بعد انتهاء المدة القانونية، يحق للمالك اللجوء للمحكمة لإصدار قرار بالإخلاء.
تفاصيل أول دعوى ضد قانون الإيجار القديم
تتركز الدعوى على المواد المتعلقة بـ الفترة الانتقالية، وإجراءات الإخلاء، وكيفية إصدار الأحكام القضائية الخاصة بها.
وقد أقام الدعوى ورثة المواطن حاتم السجيني بعد حصولهم على تصريح من محكمة شمال الجيزة الابتدائية، وذلك على خلفية نزاع بينهم وبين مالكة العقار محل السكن. ويطالب الورثة في الدعوى بالحكم بعدم دستورية بعض مواد القانون بهدف تحقيق تسوية عادلة بين الملاك والمستأجرين داخل نظام الإيجار القديم.
وتُعد هذه الدعوى الأولى التي تطالب بعدم الدستورية، وليس مجرد منازعة على التنفيذ، ما يجعلها محط أنظار المجتمع والجهات القانونية.
ما الأساس القانوني للطعن على القانون؟
استندت الدعوى إلى عدة نقاط رئيسية، أهمها:
- تقييد حق الملكية بما يخالف الحماية الدستورية.
- انتهاك مبدأ المساواة بين المواطنين.
- انتفاء المبرر الاجتماعي لاستمرار الإيجار القديم بصيغته الحالية.
فالمالك الذي يمتلك عقاراً تُقدَّر قيمته بالملايين قد يحصل مقابل الإيجار على مبالغ رمزية لا تتناسب مع القيمة الفعلية أو مع الظروف الاقتصادية الحالية، وهو ما اعتبره الطعن مساساً جوهرياً بحق الملكية.
هل ما زال قانون الإيجار القديم مناسباً للواقع الحالي؟
هذا هو السؤال الذي تطرحه الدعوى، ويطرحه المجتمع أيضاً.
فالحدث ليس مجرد نزاع قانوني، بل هو انعكاس لصراع اجتماعي واقتصادي مستمر منذ عقود بين حقوق الملاك ومتطلبات السكن للمستأجرين.
ومهما كانت نتيجة هذه الدعوى—قبولاً أو رفضاً—فإنها أعادت القانون إلى دائرة النقاش العام، وأكدت الحاجة إلى حل تدريجي متوازن يحفظ حقوق المالك دون الإضرار باستقرار المستأجر.